کد مطلب:168303 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:194

مقتل الرضیع عبدالله بن الحسین
النصوص الورادة فی مقتل ابنه الرضیع (ع) یوم الطف مختلفة جدّاً، وهی علی أقسام:

1- النصوص التی تصرّح باسمه وهو عبداللّه.

2- النصوص التی لاتصریح فیها بأسمه.

3- النصوص التی تقول بأنَّ الطفل إسمه علیّ الاصغر.

4- النصوص التی تصرّح بمقدار سنّه فقط.

أمّا الطائفة الاولی: فقد روی الشیخ المفید قائلاً: (ثمَّ جلس الحسین (ع) أمام الفسطاط فأتی بابنه عبداللّه بن الحسین وهوطفل فأجلسه فی حجره، فرماه رجل من بنی أسد بسهم فذبحه، فتلقی الحسین (ع) دمه فلمّا ملا كفّه صبّه فی الارض ثم قال: (ربّ إن تكن حبست عنّا النصر من السماء، فاجعل ذلك لما هو خیر، وانتقم لنا من هؤلاء القوم الظالمین). ثم حمله حتی وضعه مع قتلی أهله). [1] .


وفی ضمن روایة عن أبی حمزة الثمالی، عن الامام السجّاد (ع) یصف فیها كیف جمع الامام الحسین (ع) أصحابه لیلة عاشوراء، وردت هذه المحاورة بین الامام (ع) وبین ابن أخیه القاسم (ع) هكذا:(فقال له القاسم بن الحسن (ع): وأنا فیمن یُقتل؟ فأشفق علیه فقال له: یا بُنیّ كیف الموت عندك؟

قال: یا عمّ، أحلی من العسل!

فقال (ع): إی واللّه، فداك عمّك! إنّك لاحد من یُقتل من الرجال معی بعد أن تبلو ببلاء عظیم! وإبنی عبداللّه!

فقال: یا عمّ! ویصلون إلی النساء حتّی یُقتل عبداللّه وهو رضیع!؟

فقال (ع): فداك عمّك! یُقتل عبداللّه إذا جفّت روحی عطشاً، وصرتُ الی خیمنا فطلبتُ ماءً ولبناً فلا أجد قطّ! فأقول: ناولونی إبنی لاشرب مِن فیه! فیأتونی به فیضعونه علی یدی، فأحمله لاُدنیه مِن فیَّ، فیرمیه فاسقٌ بسهم فینحره


وهو یناغی! فیفیض دمه فی كفّی! فأرفعه إلی السماء وأقول: أللّهمّ صبراً واحتساباً فیك!...). [2] .

و من الملفت للانتباه والمثیر للعجب والحزن والمصاب فی هذه الروایة هو أنّ الامام (ع) لجفاف روحه من العطش ‍ الشدید أراد أن یروی ظمأه من نداوة ورطوبة فم الطفل عبداللّه الرضیع! لا أنّ الامام (ع) كان قد أخذ الطفل الرضیع العطشان لیعرضه علی القوم لعلّهم یسقونه ماءكما هو المشهور!!

وجاء فی تسمیة من قتل مع الحسین (ع): (وعبیداللّه بن الحسین (ع)، وأمّه الرباب بنت إمریء القیس..، قتله حرملة بن الكاهل الاسدی الوالبی، وكان ولد للحسین (ع) فی الحرب فأتی به وهو قاعد، وأخذه فی حجره ولبّاه بریقه وسمّاه عبداللّه، فبینما هو كذلك إذ رماه حرملة بن الكاهل بسهم فنحره، فأخذ الحسین (ع) دمه فجمعه ورمی به نحو السماء فما وقعت منه قطرة الی الارض!

قال فضیل: وحدثنی أبوالورد: أنه سمع أباجعفر یقول: لو وقعت منه الی الارض قطرة لنزل العذاب. وهوالذی یقول الشاعر فیه:



وعند غنّی قطرة من دمائنا

وفی أسد أخری تُعُد وتذكر [3] .



أمّا الطائفة الثانیة من النصوص فمنها ما رواه الدینوری قائلاً: فدعا بصبی له صغیر فأجلسه فی حجره، فرماه رجل من بنی أسد، وهو فی حجر الحسین (ع) بمشقص، فقتله. [4] .


ومنها ما رواه سبط ابن الجوزی عن هشام بن محمد، قال:(فالتفت الحسین فإذا بطفل له یبكی عطشاً، فأخذه علی یده وقال: یا قوم إنْ لم ترحمونی فأرحموا هذا الطفل. فرماه رجل منهم بسهم فذبحه.فجعل الحسین یبكی ویقول: أللّهمّ احكم بیننا وبین قوم دعونا لینصرونا فقتلونا. فنودی من الهواء: دعه یا حسین فإنّ له مرضعاً فی الجنّة). [5] .

وأمّا النصوص المصرّحة أنّ الطفل القتیل إسمه علیّ الاصغر، فمنها ما رواه ابن أعثم الكوفی قائلاً:(وله ابن آخریقال له علیّ فی الرضاع، فتقدم الی باب الخیمة فقال:

ناولونی ذلك الطفل حتی أودّعه، فناولوه الصبی فجعل یقبله وهو یقول: یا بنی ویل لهؤلاء القوم إذا كان غداً خصمهم جدّك محمّد!، قال: وإذا بسهم قد أقبل حتی وقع فی لبّة الصبی فقتله.

فنزل الحسین عن فرسه وحفر له بطرف السیف ورمّله [6] بدمه وصلّی علیه ودفنه). [7] .

وقال ابن الطقطقی: (وعلی الاصغر أصابه سهم بكربلاء فمات). [8] .


وأمّا النصوص التی تصرّح بمقدار عمره الشریف، فما ورد عن الذهبی قوله: (فوقعت نبلة فی ولد له ابن ثلاث سنین). [9] .

أمّا الیعقوبی فقد قال: (ثم تقدّموا رجلاً رجلاً حتّی بقی وحده مامعه أحد من أهله ولاولده ولا أقاربه، فإنّه لواقف علی فرسه إذ أتی بمولود قد ولد فی تلك الساعة فأذَّن فی أُذنه وجعل یحنّكه إذ أتاه سهم فوقع فی حلق الصبی فذبحه، فنزع الحسین السهم من حلقه وجعل یلطّخه بدمه ویقول: (واللّهِ لانتَ أكرم علی اللّه من الناقة، ولمحمّد أكرم علی اللّه من صالح. ثم أتی فوضعه مع ولده وبنی أخیه). [10] .


ومن الشعر الذی أنشده الامام (ع) فی مواجهته القوم وحیداً بعد مقتل عبداللّه الرضیع علی ما روی:



كفر القوم وقِدماً رغبوا

عن ثواب اللّه ربّ الثقلین



قتل القوم علیّاً وابنه

حسن الخیر كریم الابوین



حنقاً منهم وقالوا أجمعوا

واحشروا الناس إلی حرب الحسین



ثم ساروا وتواصوا كلّهم

باجتیاحی لرضاء الملحدین



لم یخافوا اللّه فی سفكِ دمی

لعبیداللّه نسل الكافرین



وابن سعد قد رمانی عنوة

بجنود كوكوف الهاطلین



لالشیءٍ كان منّی قبل ذا

غیر فخری بضیاء النیّرین



بعلیّ الخیر من بعد النبیّ

والنبیّ القرشیّ الوالدین



خیرة اللّه من الخلق أبی

ثم أمّی فأنا ابن الخیرتین



فضّة قد خلصت من ذهب

فأنا الفضّة وابن الذهبین



من له جدّ كجدّی فی الوری

اؤ كشیخی فأنا ابن العلَمَین



فاطم الزهراء أمّی وأ بی

قاصم الكفر ببدر وحنین



عبدالله غلاما یافعاً

وقریش یعبدون الوثنَینْ



یعبدون اللاّت والعزّی معاً

وعلیّ كان صلّی القبلتین



وأبی شمس وأمی قمر

فأنا الكوكب وابن القمرَیْن



وله فی یوم أُحدٍ وقعةٌ

شفت الغلّ بفضّ العسكرین



ثمّ فی الاحزاب والفتح معاً

كان فیها حتف أهل الفیلقین



فی سبیل اللّه، ماذا صنَعت

أمّة السوء معاً بالعترتین






عترة البرّ النبیّ المصطفی

وعلیّ القَرمِ یوم الجحفلین



ثم وقف صلوات الله علیه قبالة القوم وسیفه مُصلت فی یده آیساً من الحیاة عازماً علی الموت، وهو یقول:



أنا ابن علیّ الطهر من آل هاشم

كفانی بهذا مفخراً حین أفخر



وجدّی رسول اللّه أكرم من مضی

ونحن سراج اللّه فی الارض نزهر



وفاطم أُمی من سلالة أحمد

وعمّیَ یدعی ذو الجناحین جعفر



وفینا كتاب اللّه أُنزل صادقاً

وفینا الهدی والوحی بالخیر یذكر



ونحن أمان اللّه للناس كلّهم

نسرّ بهذا فی الانام ونجهر



ونحن ولاة الحوض نسقی ولاتنا

بكأس رسول اللّه ما لیس ینكر



وشیعتنا فی الناس أكرم شیعة

ومبغضنا یوم القیامة یخسر



وذكرأبوعلی السلامی فی تاریخه أنّ هذه الابیات للحسین (ع) من إنشائه وقال: ولیس لاحد مثلها:



وإنْ تكن الدنیا تعدّ نفیسة

فإنّ ثواب الله أعلی وأنبلُ



وان تكن الابدان للموت أنشئت

فقتل امریء بالسیف فی الله أفضل



وان تكن الارزاق قسماً مقدّراً

فقلّة سعی المرء فی الكسب أجملُ



وإن تكن الاموال للترك جمعها

فما بال متروك به المرءُ یبخلُ



سأمضی وما بالقتل عار علی الفتی

إذا فی سبیل اللّه یمضی ویقتل



ثم إنه (ع) دعا الناس الی البرا، فلم یزل یقتل كلّ من دنا منه من عیون الرجال، حتی قتل منهم مقتلة عظیمة. [11] .


ثم حمل علی المیمنة وقال:



الموت خیر من ركوب العار

والعار أولی من دخول النار



ثم حمل علی المیسرة وقال:



أنا الحسین بن علی

أحمی عیالات أبی



آلیت أن لا أنثنی

أمضی علی دین النبی



وجعل یقاتل حتی قتل ألفاً وتسعمائة وخمسین سوی المجروحین. [12] .


[1] الارشاد: 108:2، وانظر: تاريخ الطبري: 332:3، و انساب الاشراف 407:3، و المعجم الكبير103:3، والحدائق الوردية 103، و نسب قريش: 59، و فيه قتل مع ابيه صغيرا، سرالسلسلة العلوية: 103، و فيه: و هو صبي رضيع، اخبار الدول و آثار الاول: 108، والدر النظيم: 556، و جواهرالمطالب 287:2، ترجمة الامام الحسين عليه السلام من الطبقات الكبري: 73، اعلام الوري 466:1، مثيرالاحزان:70، البحار 46:45، اللهوف: 169 وفيه: فتقدم الي باب الخيمة وقال لزينب ناوليني ولدي الصغير حتي اودعه، فاخذه و اودعه، فاخذه و امال اليه ليقبله، فرماه حرملة بن الكاهل الاسدي بسهم فوقع في نحره فذبحه، فقال لزينب خذيه. ثم تلقي الدم بكفيه حتي امتلاتا، ورمي به نحو السماء وقال: هون علي ما نزل بي انه بعين الله.

قال الباقر عليه السلام: فلم تسقط من ذلك الدم قطرة الي الارض». وروي ان زينب عليهما السلام هي التي اخرجت الصبي وقالت: يا اخي هذا ولدك له ثلاثة ايام ما ذاق الماء، فاطلب له شربة ماء، فاخذه علي يده و قال: يا قوم قد قتلتم شيعتي و اهل بيتي، و قد بقي هذا الطفل يتلظي عطشانا فاسقوه شربة من الماء، فبينما هو يخاطبهم اذ رماه رجل منهم بسهم فذبحه (راجع المجدي: 91، و الشجرة المباركة: 73).

[2] مدينة المعاجز: 214:4 رقم 295، و عنه نفس المهموم: 230-231، و قال الشيخ القمي: «روي الحسين بن حمدان الحضيني (الخصيبي) باسناده عن ابي حمزة الثمالي، و السيد البحراني مرسلا عنه...». / وراجع الرواية مفصلة في الفصل الثاني: ص 137-139.

[3] تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام: 150.

[4] الاخبار الطوال: 258، بغية الطلب 6: 26-29. المشقص بمعني نصل السهم اذا كان طويلا غيرعريض.

[5] تذكره الخواص: 227، روضة الواعظين:150، سيراعلام النبلاء 3: 309، تهذيب الكمال 428:6، المنتظم 340:5.

[6] وفي مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: 37:2 «ثم نزل الحسين عن فرسه، و حفر للصبيّ بجفن سيفه، وزمله بدمه، وصلي عليه...».

[7] الفتوح 131:5.

[8] الاصيلي في انساب الطالبيين: 143، النفحة العنبرية: 46، كشف الغمة 250:2، المناقب 109:4.

[9] سيراعلام النبلاء: 302:3.

هذه عمدة النصوص الورادة في الباب و يمكن ان يستفاد من جميع ذلك ان الامام كان به ولدان صغيران قتلا في الطف، احدهما اسمه عبدالله بن الحسين عليه السلام و امه الرباب بنت امري، القيس كما صرح بذلك في تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام، و الاخر اسمه علي الاصغر، والاول ولد كما عن اليعقوبي يوم عاشوراء، و الثاني كان معه حينما خرج من المدينة، والله العالم.

وعلي جميع التقادير فان قتل الاطفال الابرياء ممنوع في الشريعة الاسلامية، و لكنّ السفلة من بني اميّة تعدوا حدودالله و قتلوا الاطفال بابشع و افجع القتلات والنبي صلي الله وعليه و آله كان ينهي عن ذلك، فان خالد بن الوليد لما قتل بالمعيصاء الاطفال رفع النبي صلي الله و عليه وآله وسلم يديه حتي راي المسلمون بياض ابطيه و قال: اللهم اني ابرا اليك مما صنع خالد، ثم بعث عليا فوادهم. فلم يعهد ذبح الاطفال بعد ذلك الا ما كان من معاوية في قتله اطفال المسلمين في الانبار وفي اليمن علي يدي عامله بسر بن ارطاة، وكان فيمن قتلهم ولدان صغيران لعبيدالله بن عباس، و كررت ذلك اشياعه في الطف فذبحوا من الطيبة و الاطفال ما ظهروا عليهم و ظفروا بهم بغير ما رحمة منهم و دون ادني رقة او رافة، الامرالذي برهن علي غلوهم في القسوة و الفسوق عن الدين، و اوضح بلا مراء ولاخفاء ان قصد التشفي والانتقام بلغ بهم الي العزم علي استنصال ذرية الرسول صلي الله وعليه وآله وقطع نسله و محو اصله، (راجع: مختصر نهضة الحسين عليه السلام 107).

[10] تاريخ اليعقوبي 177:2، الحدائق الوردية: 120، وفي مقتل الحسين للخوارزمي 37:2: «ثم نزل الحسين عن فرسه، و حفرللصبي بجفن سيفه و زمّله بدمه، و صلّي عليه».

[11] تسلية المجالس 2: 314-318، نفس المهموم: 353، الامام الحسين و اصحابه: 290، مقتل الخوارزمي 38:2، الفتوح 132:5، المناقب 80:4، المنتخب للطريحي: 440، كشف الغمة 27:2، عبرات المصطفي 93:2، مطالب السؤول 29:2.

[12] مناقب آل ابي طالب 110:4، تسلية المجالس 318:2، البحار 49:4، العوالم 293:17.